على الهامش

نظر لي ثم قال.. "إذا كان العلماء يقولون أن الكون يتمدد يوماً بعد يوم.. فما هو الشيء الذي يتمدد الكون بداخله؟".. فكرت قليلاً ثم قلت.."ربما يكون الكون هو الشيء الوحيد الذي لا حدود له".. رفع حاجبيه في دهشة قائلاً "الشيء الوحيد!!".. عقبت سريعاً "أقصد الكون ولؤم النساء"

الاثنين، 18 أبريل 2011

رسالة من رئيس سابق..

رجاءً لا تعتبروا كلماتي خطاباً رسمياً كتلك الخطابات التي أثقلت بها عليكم طوال ثلاثين عاماً.. ربما لم تستمعوا إلى أي منها حتى النهاية ولكن ذلك لم يكن يعني لي الكثير في الواقع.. فأنا أختلف عن أسلافي الذين ما زالت خطبهم ملء السمع والبصر.. ولكن للأسف لم تتبق من أيامهم سوى بعض الكلمات الخداعة والخطب الرنانة.

لن أدافع عن نفسي فأنا أفهم أن الحكم بإدانتي قد صدر قبل أي محاكمة.. لا يفيد الدفاع شخصاً يعيش مداناً في نظر شعب بأكمله.. ولا يهمه كثيراً أن يعيش طليقاً وهو في الواقع سجين ضلوعه.. أريد منكم فقط أن تسمعوني للمرة الأخيرة ربما تفيدكم كلماتي في المستقبل الذي لابد وأن يكون أفضل حالاً من الماضي.

ألم تسألوا أنفسكم لماذا فعلت بكم وبمصر كل هذا؟ لماذا أسرق أموالاً وأنا كنت أعلم علم اليقين أنني أعيش رئيساً وسأموت رئيساً؟.. كنت أعيش في قصر منيف.. حتى عندما كنت أسافر خارج مصر كانت تُفتح أمامي أبواب أفخم قصور الضيافة.

لماذا أعذب شعباً وأقمع أفكاراً وأغتال أحلاماً؟ بينما لو كنت حكمت بما يرضي الله لكنت حصلت على شعبية حقيقية وحب صادق. لن أتحدث عن ثواب الآخرة لأنه في الواقع لم يكن ضمن أولوياتي. الإجابة بسيطة جداً وسيكتشفها أي انسان لو وضع نفسه مكاني ومر بنفس تجربتي.. المشكلة أنكم تجدون الأسئلة صعبة لأنكم لا تعرفون ما أعرف.. ولم تجربوا ما جربت.

لم تجربوا معنى أن يمدحك كل من يكلمك على مدار عقود.. يشعر الانسان بالزهو إذا مدحه صديق أو رفيق في كلمة عابرة.. فما بالكم وأنا أعيش في عالم يقدرني أو ربما يقدسني.. أصبت بضعف في السمع من أثر التصفيق الذي قابلته على مدار السنين في كل مكان أدخله وبعد كل خطاب ألقيه.. كل دعاباتي مضحكة وكل آرائي حكيمة وكل قراراتي صائبة.. حتى عندما كنت أسمع مؤخراً عن أحد المعارضين كان المؤيدون يمدحون سعة صدري على تحمل المعارضة ويشيدون بالحرية التي أشرقت في عهدي وأضاءت بلاداً لم تعرف معنى المعارضة منذ فجر التاريخ.

لم تجربوا معنى أن تصبح في يدك كل الصلاحيات.. قدراتك لا محدودة كأنك أحد الشخصيات الأسطورية.. رغم أنكم تحفظون جيداً ذلك المثل "يا فرعون مين فرعنك؟ مالقتش حد يلمني!" .. فالفرعون هنا ليس لنا أن نلومه إلا بقدر.. فهو معذور لأنه لم يجد رادع أو مانع. كذلك أنتم لم تمنحوني إطلاقاً أية إشارة تدل على كم الغضب الرهيب الذي تفجر فجأة. كنت أزور المحافظات شرقاً وغرباً.. شمالاً وجنوباً فأجد جحافل من البشر تصطف في استقبالي.. هل تعتقدون أنني يمكن أن أظن أن يكون ذلك نفاقاً ؟!.. من يكره أن يشعر أنه محبوب! أكاد أجزم أن معظم من نادى بإسقاطي وإذلالي لو كان مكاني لفعل فعلي أو أسوأ.

وأقول لشباب مصر الذي كان الشرارة التي أشعلت الفتيل.. أنني لم أتوقع منكم على الإطلاق ما قمتم به.. أنتم الجيل الذي ولد في عهدي ولم تعرفوا رئيساً غيري.. ربما لهذا السبب لم تشعروا بحسناتي مقارنة بمن سبقوني.. حاولت كثيراً أن أجعلكم تنضموا إلى آبائكم في سباق لقمة العيش والنضال الذي لا ينتهي بحثاً عنها.. كنت أشعر أنني بذلك أحميكم من الأفكار الهدامة التي ربما تقنعكم أنكم تستطيعون أن تجدوا رئيساً أفضل.. صدقوني لو كنت مكاني لأقسمتم أنه لم ولن يأتي من هو أفضل مني. والأيام ستظل حكماً بيني وبينكم.

تذكرت الآن يوماً كنت فيه أزور إحدى المدارس.. قابلني طفل صغير وقال لي إنه يحسدني.. ظننت أنه يطمع في الرفاهية أو الجاه أو ربما السلطة.. ولكنه كان يحسدني لسبب مختلف تماماً.. كان الطفل يعاني لأنه يضطر إلى الكذب خوفاً من عقاب الأب أو الأم أو المدرس.. وهو يحسدني لأنه يعتقد أنني لست مضطراً إطلاقاً إلى الكذب على أحد.. بالتأكيد الآن لديكم ما تقولونه لذلك الطفل.. أو ربما يكون هو نفسه قد أدرك الحقيقة.

التوقيع

رئيس سابق

· رداً على رسالة من أحد المواطنين https://www.facebook.com/notes/khaled-soliman/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85-%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A1-%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%A3%D8%AE%D8%AA%D9%8A/10150152863011991