على الهامش

نظر لي ثم قال.. "إذا كان العلماء يقولون أن الكون يتمدد يوماً بعد يوم.. فما هو الشيء الذي يتمدد الكون بداخله؟".. فكرت قليلاً ثم قلت.."ربما يكون الكون هو الشيء الوحيد الذي لا حدود له".. رفع حاجبيه في دهشة قائلاً "الشيء الوحيد!!".. عقبت سريعاً "أقصد الكون ولؤم النساء"

الثلاثاء، 21 فبراير 2012

مقال تحت تأثير الترامادول

شعرت فجأة أن دماغي بتاكلني وإني عايز حاجة بس مش عارف إيه هي.. جت في دماغي فكرة خطيرة وهي أن أضرب ترامادول.. لا أعرف تحديداً ما هو الترامادول ولا أين يمكن أن أجده ، فذهبت لأحد أصدقائي وطلبت منه قرصين.. لحسن الحظ كان صديقي أحد أعضاء ائتلاف شباب الثورة فأخرج من جيبه تشكيلة متنوعة من الحبوب.. أفرغ في يدي مجموعة أقراص وقال لي في ثقة "اضرب دول وهتلاقي نفسك شايف دنيا تانية"

شعرت بتردد للحظات ولكني تذكرت كيف يدفع الترامادول هؤلاء الشباب للتظاهر بشجاعة وتحمل الغازات الخانقة لساعات طويلة.. وأدركت أن فيه قوة خفية سوف تجعلني بلا شك أرى تلك الدنيا الثانية التي تفجر طاقاتهم.. أحضرت ورقة وقلماً لتسجيل الحدث.. نظرت إلى الحبوب في توتر.. ثم ابتلعتها قبل أن أغير رأيي وجلست منتظراً.. ثم بدأت الكتابة

أرى الآن مشاهد متفرقة.. جنود.. قنابل مسيلة للدموع.. دموع.. دماء.. الكتاتني.. أسمع صوتاً يرن صداه في أذني وهو يقول في تكرار قاتل "اجلس.. اجلس.. اجلس".. شاهدت البرادعي وهو يجمع التوقيعات لتغيير الدستور.. وسمعت صوت التصفيق هادراً بعد أن قال شخص ما جملة كانت "العميل" إحدى كلماتها..

تمر أمام عيني الآن مشاهد لنفس الشوارع التي عشت فيها.. أرى هؤلاء الحراس الضخام الذين كانوا يقفون أمام منزل وزير الداخلية في شارع لبنان.. أرى كذلك شارع جامعة الدول وقد امتلأ بقطع الحجارة التي يتراشق بها الشباب مع رجال الأمن.. الغازات الكثيفة تحجب الرؤية فلا أستطيع التمييز هل هذا شارع طلعت حرب أم قصر النيل.. ولكني أعتقد أنني لمحت وجه أحد الضباط وكان شبيهاً جداً بذلك الذي كان يقف بجوار منزل العادلي..

حاولت أن أتفادى رؤية كل هذا فوجدت أمامي فصلاً مدرسياً متهالكاً.. يدخل المدرس الفصل وهو يعتبر أن قمة نجاحه الوظيفي يكمن في منع التلاميذ من الكلام رغم أنهم يطيعونه خوفاً من تلك العصا الغليظة التي يلوح بها في وجوههم.. لم يكن المدرس يشرح للتلاميذ شيئاً.. أراه يكتب شيئاً ما على السبورة في صمت ثم يلتفت مطلقاً نظرات مرعبة صامتة كلما سمع همساً في الفصل.. ثم جلس يدخن سيجارة وهو يعبث في تليفونه.. لفت نظري أن أحد التلاميذ الذين رأيتهم في الفصل كان يمسك حجراً في المظاهرة يلقيه بكل قوة وهو يهتف بأعلى صوت.. أشاهد الآن مذيعاً تليفزيونياً يهز رأسه في موافقة بينما أسمع صوتاً قادماً من اتصال تليفوني يتساءل "إيه اللي ودّاهم هناك؟"

ما هذا؟ هل الترامادول قوي إلى تلك الدرجة؟ أرى الآن جنوداً يقتحمون المسجد الأقصى.. وأسمع ذلك الصوت السخيف يتردد في ذهني مجدداً "اجلس.. اجلس.. اجلس".. أشاهد في لمحات عابرة مانشيتات الصحف فأجدها خالية من أي تعليق على الخبر.. أرى كلمات لا أفهمها.. حمار.. مزايدات.. توافقي.. طرة.. وأرى بعض الناس يبدو عليهم الغضب الشديد وهم يكتبون شيئاً ما على فيسبوك.. أرى صور بعض الشيوخ.. ما الذي جعل صور الشيوخ تنتشر على فيسبوك بعد أن كان ممتلئاً بصور المطربين.. رغم ذلك لا أرى مزيداً من الإيمان أو التقوى.. بل مزيداً من البذاءة.. هل هو تأثير الترامادول؟ ربما..

أقرأ الآن خبراً قديماً يتحدث عن نقل صلاحيات رئيس الجمهورية للجنزوري.. وأقرأ خبراً حديثاً عن قرار للمجلس العسكري بالتجديد لمفتي الجمهورية.. وأحاول أن أبحث عن أي شخص يندهش أويعترض فأجد بالفعل الكثيرين يعترضون على غلق المواقع الإباحية.. ثم بدأت الغشاوة تنقشع من أمام عيني تدريجياً.. فقرأت تقارير عن ضرورة توفير العملة الصعبة تحسباً لقطع المعونة الأمريكية.. ثم اكتشفت فجأة أن مدرب المنتخب أمريكي الجنسية.. يقبض مرتبه بالعملة الصعبة.. ولا يبدو أنه يقوم بعمل معقد باستثناء التدريب استعداداً لمباريات ودية تقوم الداخلية بإلغائها

زال مفعول الترامادول من عقلي بشكل مؤقت.. فأدركت أنه انتقل إلى عقول الأغلبية العظمى بشكل مستمر ولكن دون أن نشعر