على الهامش

نظر لي ثم قال.. "إذا كان العلماء يقولون أن الكون يتمدد يوماً بعد يوم.. فما هو الشيء الذي يتمدد الكون بداخله؟".. فكرت قليلاً ثم قلت.."ربما يكون الكون هو الشيء الوحيد الذي لا حدود له".. رفع حاجبيه في دهشة قائلاً "الشيء الوحيد!!".. عقبت سريعاً "أقصد الكون ولؤم النساء"

الأحد، 3 أبريل 2011

الحياة اليوم

الحياة هي التجربة الأم التي تندرج تحتها كل التجارب التي نتعرض لها.. وحياتنا اليوم مليئة بالأمور المدهشة ولكن أكثرها إثارة للدهشة على الإطلاق هو أننا لا نلاحظ ذلك إطلاقاً.

البداية هو أنك بمجرد أن تخرج إلى الحياة تنفجر في البكاء.. لا يوجد سبب مقنع ولكننا لم نسمع إطلاقاً عن مولود يقهقه ضاحكاً عند رؤيته للدنيا.. المبرر الوحيد هو أن ذلك الطفل ربما كانت لديه بعض البصيرة التي مكنته من رؤية المعاناة التي تكمن بانتظاره. بعض الناس يستمر في البكاء طوال عمره حتى لو اختفت الدموع والنهنهة خلف التكشيرة الجامدة، حتى أن البعض يؤمن أننا متنا ثم بعثنا وما نعيشه الآن هو مرحلة عقاب على أخطائنا في الحياة السابقة.

ثم يتضح جزء مهم جداً من الحياة وهو مبدأ الحلال والحرام.. وهو القانون الذي يحدد إلتزامك به مدى نجاحك في تجربك الحياتية.. المدهش في الموضوع أننا (بعضنا أو معظمنا) ننسى هذا القانون أو لا نوليه الجانب الأكبر من الاهتمام. وحتى لا أكون سخيفاً سأحاول أن أتحدث بطريقة مختلفة.

على سبيل المثال كلنا نؤمن أن الصلاة فرض يجب تأديته حتى ندخل الجنة.. والصلاة لا تحتاج إلى مجهود بدني أو ذهني عنيف مقارنة بعناء ال"جيم" أو تركيز المذاكرة.. وكلنا نؤمن أيضاً أن الشيطان يوسوس لنا دائماً أن نترك الصلاة.. ولذلك عندما يأتي وقت الصلاة ونشعر بذلك الكسل الشديد.. لابد أن نقتنع أن المبرر الوحيد لذلك الكسل هو أن الشيطان يوسوس لنا وبالتالي فالمفروض أن يدفعنا ذلك الكسل لأداء الصلاة وليس العكس.. حد فاهم حاجة؟

الخلاصة أننا سنعيش كثيراً جداً حتى تأتي لحظة نقول فيها "آه لو أننا عشنا أكثر.." ويدهشني جداً أن كل من وصل إلى هذا اللحظة أخبرنا عنها ولكننا لم نكترث كثيراً.. قال الله تعالى " يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي" صدق الله العظيم.

تدهشنا الحياة بقدرتها على إيهامنا أننا لا نستطيع أن نستغني عن أشخاص بعينهم.. رغم أن ذلك ليس حقيقياً مهما بدا فراقهم صعباً.. حتى اللمبي الذي عاش قصة حب عنيفة مع فيحاء التي جعلته يتسلق الأشجار من أجلها.. انقلب عليها فجأة بمجرد أن ظن أنها بلّغت عنه الحكومة، ودعى عليها بأن تموت قبل يوم الثلاثاء أو الأربعاء على أقصى تقدير. ولا أجد وصفاً يعبر عن أهمية الاقتناع بذلك أروع مما ورد في وصايا جبريل عليه السلام للمصطفى عليه الصلاة والسلام حين قال " يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس".

بالطبع يحاول شعراء الأغاني الرومانسية التأكيد على المعنى المعاكس من خلال عبارات مثل "حياتي بعدك أعيشها ليه؟" رغم أنه بالتأكيد يستطيع أن يجد ألف سبب للحياة وإلا وصلت معدلات الانتحار لمعدلات قياسية في ظل ظروف تأخر الزواج والأزمات الاقتصادية وغيرها.

كذلك أندهش بشدة عندما أكون على موعد مع شخص ما.. غالباً أتمكن من الحضور في الموعد ولكن دائماً يتأخر الشخص الآخر.. لا أندهش من تأخيره بالتأكيد ولكنى أندهش من شعوري بالضيق.. وأنا بالفعل أتساءل لماذا نشعر بالضيق بسبب الانتظار رغم أننا أصلاً نعيش دائماً منتظرين؟.. بل إنني لا أرى أن الانسان حيوان ناطق ولا حيوان مفكر.. ولكن الأدق أن نقول أن الانسان حيوان منتظر.

من فضلك انظر الآن إلى ساعتك.. لماذا تنظر إلى الشاشة أرجوك نفذ كلامي.. انظر إليها لمدة نصف دقيقة وتأمل احساسك جيداً.. عندما تمر ثانية فإنك في الواقع تنتظر الثانية التالية رغم أنك تعرف أن شيئاً لن يحدث عندما تمر الثواني.

بنفس الطريقة نحن عشنا طفولتنا في انتظار أن نرتاح من المدرسة.. وكنا نحلم بالحياة الجامعية التي لم نكن نصدق كيف يجلس الطلبة فيها في المدرجات رغم أن باب الجامعة مفتوح على مصراعيه لمن يريد أن يخرج.. ثم انتظرنا بكل ترقب يوم التخرج.. ثم الوظيفة.. ثم الزواج.. ثم الأولاد.. والقائمة تطول لتؤكد أننا لا يجب أن نكره الانتظار الذى يحكم تسلسل الأحداث في حياتنا.

تدهشني الحياة بسرعتها رغم أننا نشعر أنها بطيئة مملة.. وبجمالها رغم أننا نجدها مليئة بالمعاناة.. وبصعوبتها رغم أننا نعتقد أحياناً أننا فهمناها جيداً.. ويدهشني الانسان كلما حاولت أن أفهم لماذا يتصرف بهذا الشكل.


http://www.facebook.com/home.php?sk=group_203962466297315&ap=1