على الهامش

نظر لي ثم قال.. "إذا كان العلماء يقولون أن الكون يتمدد يوماً بعد يوم.. فما هو الشيء الذي يتمدد الكون بداخله؟".. فكرت قليلاً ثم قلت.."ربما يكون الكون هو الشيء الوحيد الذي لا حدود له".. رفع حاجبيه في دهشة قائلاً "الشيء الوحيد!!".. عقبت سريعاً "أقصد الكون ولؤم النساء"

الجمعة، 6 يوليو 2012

الست لمّا..

 يقول الشاعر الجاهلي:
 
الست لمّا.. لمّا لمّا
الست لمّا.. لمّا لمّا

من أبرز مواطن الجمال في القصيدة استخدام الشاعر للإيجاز بحذف معظم أركان الجملة.. نلاحظ أيضاً أنه يتحدث عن المرأة وربما كان يريد قول شيء ما ولكن الإيجاز يوحي بخوفه من عواقب التعبير عما بداخله.. تستطيع أن تتخيل أنه تذكر زوجته وهو على وشك إكمال الجملة.. وتذكر مصيره لو لم يعجبها رأيه.. فاكتفى بالإيجاز والإنجاز.

إذن فهو الخوف من المرأة.. وبعيداً عن هذا الشاعر فإنه لا يوجد عاقل يستطيع أن ينكر أن أتخن الرجال يخافون من المرأة.. ربما يخافون من جرح مشاعرها.. أو من كراهيتها.. انتقامها.. تتغير الدوافع ولكن تبقى النتيجة واحدة.. المرأة كائن قوي في هذا الكوكب إن لم يكن الأقوى.. هي تستخدم القوة الناعمة كما يقول الخبراء الاستراتيجيون.

السؤال الآن.. لو كانت المرأة بهذه القوة فلماذا نقرأ دائماً عن محاولات تحرر المرأة؟ ولماذا نسمع عن رواد أفنوا حياتهم حتى تحصل المرأة على حقوقها؟

سؤال استباقي.. ما هي أصلاً حقوق المرأة ؟ اعتقادي الرائع أنه أصلاً لا وجود لشيء اسمه حقوق المرأة.. الأصل أنه يوجد ما يسمى بحقوق الانسان ويستوى فيها الرجل والمرأة، أما أن توجد حقوق للمرأة فهذا في حد ذاته نوع من العنصرية لأنه تقسيم للبشر على أساس الجنس.

سيبك من هذا التنظير.. كلنا نعرف أن المرأة كانت محرومة من حق العمل والتعليم والتمثيل البرلماني والمساواة مع الرجل في أمور كثيرة.. وبالتالي فعندما نتحدث عن حقوق المرأة فنحن نقصد حقها في المساواة مع الرجل. مش كده؟

ماشي.. أستطيع أن أضيف أيضاً أن المرأة برغم قوتها مظلومة.. فالرجل يستطيع أن يدخن السجائر والشيشة وربما يتعاطى المخدرات فيتفهم المجتمع أسبابه لذلك.. يلومه لكن بقدر.. بينما يبدو مشهد المرأة المدخنة ملفتاً ومثيراً للامتعاض.. لماذا؟ لا أعرف

الرجل منحه المجتمع مساحة لتقبل الأخطاء لم يمنحها للمرأة.. فالرجل يستطيع أن يتشاجر وتخرج منه أروع الشتائم وأكثرها ابتكاراً فنجد الكل يحاول تهدئته، بينما المرأة إذا قامت بنفس الأفعال المشينة يشمئز منها الجميع.. كلاهما مخطئ ولكن لا يتعرض كلاهما لنفس رد الفعل.. لماذا؟ لا أعرف

إذن المرأة برغم أنها قوية مسيطرة متحكمة ولكن نفوذها لا يخرج من باب بيتها.. إرادة الزوجة تستطيع أن تتحكم في كل شؤون الأسرة وليس هذا لضعف الزوج ولكن كما يقولون "كله بالحب".. هي تحدد الطريقة المناسبة للسيطرة وتستخدمها ببراعة سواء كانت سيطرة بالعنف أو الترهيب أو النكد أو الاستضعاف.. "كله بالطريقة" إذا جاز التعبير

ولذلك كان كفاح المرأة المبهر لكي تحصل على حريتها خارج إطار المنزل.. فماذا كانت النتيجة؟

حصلت المرأة على حقها في العمل:

إنجاز رائع.. الملفت أنك لا تستطيع أن تحدد من الذي منح المرأة هذا الحق.. لم يصدر مثلاً قانون أو قرار جعل المرأة تخرج للعمل.. وليس هذا غريباً لأن المرأة أصلاً كانت تعمل قبل أن يأتي قاسم أمين وهدى شعراوي وزكي جمعه (؟) البعض افترض جدلاً أن عمل المرأة معناه أن تكون موظفة في شركة تتقاضى مرتباً آخر الشهر وأي شيء غير ذلك لا يعتبر عملاً، وتجاهل هؤلاء أن هذا النوع من العمل هو الأقرب للعبودية.

يقول ماركس "العبد البروليتاري مجبر على ذلك يومياً وكل ساعة، هو ملك الطبقة البرجوازية بأكملها، وهي الطبقة التي تشتري عمله فقط إذا كان أحد أفرادها يحتاجه"

وإذا كنت مثلي لم تفهم شيئاً مما قاله ماركس فهناك فتيات لويل ميل اللاتي كانوا يعملن في أحد مصانع النسيج في أمريكا، ثم شعروا بالتشابه بين عبودية الأجر والرق فقالوا في أغنية يبدو أنها شهيرة
"أليس من المحزن، أن ترسل فتاة جميلة مثلي إلى المصنع
لا أستطيع أن أكون أمَة، ولن أكون أمَة
لأنني أعشق الحرية"

فالمرأة عندنا منذ عصر الفراعنة كانت تعمل في أعمال تحفظ لها حريتها وكرامتها وتمنحها فرصتها في القيام بدورها كمربية أجيال تصنع مستقبل الأمم، ثم ناضلت لكي تحصل على حقها (الذي لم يحرمها منه أحد) في العمل كموظفة، ثم خرج كل هذا تحت عنوان "حق المرأة في العمل".

ثم حصلت المرأة المصرية على كوتة في البرلمان:

مقاعد محجوزة للمرأة لكي تضمن أن يكون لها دور في التشريع. وتم اعتبار هذا إضافة تاريخية لحقوق المرأة رغم أنه لم يكن يوجد نص أو قانون أو قرار يمنع المرأة من الترشح للبرلمان، تماماً كما لم يكن هناك ما يمنعها من العمل.

لم يكن هناك ما يمنع أن يكون البرلمان كله من السيدات.. ولكن بهذه الكوتة أصبح هناك ما يمنع أن يكون البرلمان كله من الرجال.. أتساءل.. أليس من المفترض أن يطالب الرجال بالمساواة مع النساء في هذه الحالة؟

وحتى أكون منصفاً يجب أن أقول أن المرأة كانت في مراحل كثيرة محرومة من حق التعليم.. أنا شخصياً لم أسمع عن عالمة مصرية (عالمة نسبة إلى العلم) في أي مرحلة من مراحل التاريخ.. صحيح أنها حصلت الآن على حقها في التعليم وبرضو مفيش فايدة ولكن ليست هذه هي المشكلة، فحرمان المرأة من التعليم كان بسبب نظرة استعلائية من الرجل الذي كان يعتقد أنه الوحيد الذي يستحق أن يعرف.

المرأة الآن في هذه اللحظة لم تحصل على كل حقوقها .. هذا هو الواقع.. ولكنها لا تعرف بوضوح ما هي الحقوق التي تنقصها.. هذا هو الواقع.