- كيف تغيرت الأمور بهذه السرعة؟
- لأنها نتيجة عشرات السنين من الجمود.. الضغط يولد الانفجار دائماً.
- ولكنه يولد الأخطاء أيضاً كما يقول معلقو المباريات؟
- الأخطاء واردة في كل زمان ومكان.. المهم ألا تكون متعمدة.
- ولماذا يتعمد الانسان أن يخطئ؟
- لأنه يعتقد أنه يحقق منفعة ما من وراء هذا الخطأ.
- إذن هو في هذه الحالة لا يعتبر مخطئاً؟
- من وجهة نظره فقط.
- ألا يمكن أن تكون أنت الآن مخطئاً من وجهة نظره أيضاً؟
- ربما.. ابحث دائماً عن المرجعية حتى تستريح.
- وكيف نجد المرجعية التي يتفق عليها كل الناس؟
- لقد أوجدها بالفعل من خلق كل الناس.
- ولكنهم يختلفون في تفسيرها؟
- وفي اختلافهم رحمة.. ولكن تبقى الخطوط العريضة واضحة.
- هل ترى كل الأمور بهذا الوضوح؟
- توجد أشياء لا أفهمها إطلاقاً.
- مثل ماذا؟
- المرأة.. على رأس القائمة.
- ألا ترى أنك أعطيت الموضوع أكبر من حجمه؟
- المرأة هي نصف العالم.. ومن المحبط أن تشعر أنك لا تفهم نصف العالم الذي تتعامل معه.
- وما الذي لا تفهمه؟
- ماذا تريد المرأة؟ تشعر دائماً أن النساء يبحثن عن شيء لا وجود له.
- كلامك أجوف.. أنت نفسك لا تعرف معناه.
- إلى حد ما.. كلنا نردد أحياناً كلاماً لا نفهمه
- ولماذا نفعل ذلك؟
- لأن الكل يريد أن يتكلم بعد أن أصبح الكلام مباحاً.
- هل لأن الممنوع مرغوب؟
- لست مقتنعاً بهذه القاعدة.. الانسان يرغب في أي شيء يجعله يشعر بالسعادة.
- ربما يجد بعض الناس سعادتهم في الحصول على الممنوع.
- أو ربما لأن الانسان لا يضع في قائمة الممنوعات إلا ما قد يكون مرغوباً. فكر معي ما فائدة أن تمنع انساناً من شيء هو أصلاً يكرهه؟
- إذن هو يبحث عن سعادته ولا شيء آخر
- بالتأكيد
- وما هي السعادة؟
- هي الكلمة الوحيدة التي لن تجد لها تعريفاً دقيقاً حتى في أعظم المعاجم والقواميس.
- وما هو تعريفك لها؟
- تقصد لو طلبت مني أن أكتب تعريفاً لها في القاموس؟
- نعم..
- سأكتب "عندما تبحث عن معنى كلمة في هذا القاموس وتجده.. أنت في تلك اللحظة تشعر بالسعادة".
- تعريف قاصر.
- أقصد أنك عندما تبحث عن أي شيء وتجده فهذه هي السعادة.. الصحة.. المال.. الزوجة.. الأسرة.. راحة البال
- ولكن ماذا عن درجة الاكتفاء من هذا الشيء؟.. "لو أوتي ابن آدم واديان من ذهب لتمنى أن يكون له ثالث".
- نعم.. الانسان بداخله جزء من الطمع
- طمع أم طموح؟
- الطموح هو طمع مشروع له ما يبرره.. أما الطمع فهو أن تحاول الحصول على ما هو ليس من حقك.
- وهل القناعة هي عكس الطمع أم عكس الطموح؟
- بالتأكيد هي عكس الطمع.
- هل لديك إجابات لكل الأسئلة؟
- هذا يتوقف على نوعية الأسئلة.
- وماذا كان آخر سؤال لم تتمكن من معرفة إجابته؟
- قال لي أحدهم.. "لو أخبرتك أنني كاذب هل ستصدقني؟"
- وما الصعوبة في هذا؟!.. بالطبع لن تصدق انسان كاذب.
- ولكن هذا يعني أنه كذب عندما قال أنه كاذب.. أي أنه صادق.
- لا يوجد انسان يكذب على طول الخط.. كما لا يوجد انسان صادق باستمرار.
- ربما لم تقابله حتى الآن ولكن هذا لا يعني أنه ليس موجوداً
- من المؤسف أننا لا نصدق إلا ما نرى.
- بينما لا يجب أن نصدق كل ما نرى.
- وكيف لا تصدق شيئاً تراه بعينك؟
- لأن المظاهر أصبحت قادرة على الخداع أكثر من أي وقت مضى.
- لا أعتقد هذا.. حتى المظهر الخادع يحمل دلالة يجب أن نصدقها.
- ولكن المسميات نفسها تختلف.. من يسرق محفظة يسمى نشالاً بينما من يسرق بنكاً يسمى رجل أعمال متعثر.
- بعضهم يكون متعثراً فعلاً.
- وكذلك النشال.. لو بحثت في ظروفه ستجده أكثر تعثراً.
- ومن يهتم بالبحث في حياة شخص تافه؟
- الأغلبية الساحقة.
- ماذا تقصد؟
- تأمل أخبار المشاهير ومدى اهتمام الناس بها.. إنهم يهتمون بأدق التفاصيل في حياة شخص ليس مهماً
- مجرد اهتمام الناس به يجعله مهماً.. أعتقد أن التشابه اللفظي بين "مهم" و"اهتمام" ليس مجرد مصادفة.
- بالتأكيد.. هو مهم للناس ولكنه لا يملك تأثيراً على حياتهم.
- قلت لي من قبل أنك تكتب لأنك تتمنى أن تمتلك هذا التأثير.
- تذكر أنك قلت أنه لا يوجد شخص صادق باستمرار.
- إذن لماذا تكتب؟
- الكتابة هي رد فعل وليست فعلاً له ما يبرره.. القراءة هي التي تدفعك للكتابة دفعاً.
- هل تظن أن الأمر الإلهي "اقرأ" كان شاملاً لأن القراءة تدفع للكتابة كما قلت؟
- الله أعلم
- بالتأكيد الله أعلم.. ولكن ماذا عن علمك أنت؟
- محدود ومتناقض.. لقد قلت أن القراءة هي التي تدفع إلى الكتابة بينما لو فكرت لوجدت أنه لولا الكتابة لما وجدنا شيئاً نقرؤه.
- إذن لماذا تقرأ؟
- كما قال طه حسين.. "أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة.. وحياة واحدة لا تكفيني".
- لا أحد تكفيه حياته
- رغم أننا نضيع أغلب الوقت
- وهل تعتقد أن من سيقرأ هذا الكلام سيشعر أنه أضاع من وقته؟
- أتمنى ألا يشعر بذلك.. ولكن لو حدث فعليه أن يتذكر أنني أيضاً أضعت وقتاً في كتابته.
- المساواة في الظلم عدل كما يقولون
- بل المساواة في الظلم ظلم أكبر.. فبدلأ من أن يظلم شخصاً واحداً فإنه يظلم آخرين بنفس القدر.
- في المرة السابقة كنت تعتقد أن أحداً لن يقرأ ما كتبته حتى النهاية.. ماذا عن هذه المرة؟
- أتمنى أن يقرأه أكبر عدد من الناس
- وماذا تتمنى أيضاً؟
- أتمنى أن تدفعهم القراءة إلى كتابة شيء ما أسفل المقال..
- لننتظر ونرى..
* الجزء الأول تم نشره في كتاب "شيء من الخوخ"