على الهامش

نظر لي ثم قال.. "إذا كان العلماء يقولون أن الكون يتمدد يوماً بعد يوم.. فما هو الشيء الذي يتمدد الكون بداخله؟".. فكرت قليلاً ثم قلت.."ربما يكون الكون هو الشيء الوحيد الذي لا حدود له".. رفع حاجبيه في دهشة قائلاً "الشيء الوحيد!!".. عقبت سريعاً "أقصد الكون ولؤم النساء"

الجمعة، 18 مارس 2011

عندما قابلت عمرو سلامه..

قدراً قابلت المخرج والمدون عمرو سلامه.. ولأنني أعتبر الكتابة وسيلة لتوثيق الأحداث التي أتمنى أن أتذكرها فقد شعرت بالرغبة في كتابة ما دار بيننا من نقاش امتد لمدة ربع ساعة أو أكثر.. أود في البداية أن أوضح أنني أختلف مع معظم ما يكتبه عمرو سلامه وإن كنت مقتنعاً تماماً بإخلاصه ورغبته في صناعة وطن أفضل.. لذلك لم أكن سأسامح نفسي لو لم أستغل الموقف لمناقشته فيمَ أختلف معه.. ولن أسامح نفسي أيضاً إذا لم أكن صادقاً في نقل ما دار حرفياً.

- أنا: معلش يا عمرو هعطلك دقيقة بس أنا عايز أقوللك حاجة أنا مختلف معاك فيها.

- عمرو: آه قوي قوي.

- أنا: حضرتك كنت كاتب على الفيديو المعارض لتعديل الدستور "أنشر الفيديو وخليك إيجابي"

- عمرو: تمام

- أنا: أنا شايف إن الإيجابية هي إني لما أشوف حاجة غلط أحاول أغيّرها.. وإذا كنت هعتبر محاولة تغيير رأي الناس إيجابية فده معناه إني شايف إن رأيهم غلط.. وعشان أحكم على حد إنه غلط لازم يكون في مرجعية.. إنما دي آراء واجتهادات كلها تحتمل الصواب والخطأ.

- عمرو: أنا قلت أنشر الفيديو وخليك إيجابي بمعنى إنك تنشره لو اقتنعت إن الرأي ده هو الصح. وبالتالي إنت تحاول تنشر الصح من وجهة نظرك.

- أنا: أصل أنا فهمت من كلمة "أنشر وخليك إيجابي" إني لما مش هنشر هبقى سلبي.

- عمرو: لا لا.. أنا قصدي إنك لو اقتنعت، ومتهيألي إن ده المعنى المفهوم من الجملة.

- أنا: طيب مش شايف إنك كلمة "قول لأ" فيها توجيه لآراء الناس والتوعية المفروض تعرض وجهتين النظر في نفس الفيديو والمواطن هو اللي يحدد رأيه.

- عمرو: أنا لما بقول "قول لأ" فده من باب النصيحة.. وأكيد أنا مقدرش أجبر حد على حاجة.. وموضوع إننا نعرض وجهتي النظر ده مش بيحصل في الحملات الدعائية.. يعني مثلاً أوباما من حقه يعمل فيديوهات تقنع الناس إنها تنتخبه من غير ما تبين مزاياه وعيوبه مقارنة بالمنافس بتاعه.. وده مش توجيه للرأي إنما ده بيحصل في أي مجتمع ديموقراطي وكل واحد حر يقول رأيه.

- أنا: في موضوع تاني وهو إنك كنت بتطالب قبل كده بإلغاء الرقابة على السينما.

- عمرو: أيوه وأنا مقتنع إن لازم الجمهور يبقى هو الرقيب.

- أنا: مش شايف إن في أمريكا مثلاً الأفلام بتبقى فيها حاجات مش محترمة عشان مفيش رقابة.

- عمرو: أنا رأيي إننا نعمل الفيلم ونصنفه عمريا يعني نقول ده فوق 18 سنة وده فوق 25 سنة وكده.. والأهم إننا نعلن إيه سبب التصنيف.. لكن الرقابة مثلا بتقص الشتايم من الفيلم مع إن الشارع مليان شتايم.. السينما لازم تعكس اللي بيحصل في الشارع.

- أنا: بس إحنا عندنا مانع مش موجود في أمريكا وهو إن في حاجة إسمها حرام وحلال.. يعني في مناظر حرام إن الناس تشوفها فلازم نحاول نمنع الحاجات دي.

- عمرو: ده سببه الكبت الجنسي والمنع مش هيحل المشكلة.. جايز يخبي أعراضها بس مش هيحلها.. وبعدين دلوقتي النت في كل حاجة.. فيلم زي بون سواريه فشل رغم إن في مناظر عشان فكرة الاعتماد على المناظر فقدت السبق.. يعني اتعملت قبل كده.. وبالتالي الجمهور هو اللي هيخلي الناس تعمل أفلام محترمة مش الرقابة.

- أنا: إحنا الإسلام بيقولنا "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" يعني أنا لو مسئول عن السينما في مصر فربنا هيحاسبني على الحاجات الغلط اللي بتطلع في الأفلام وممكن أمنعها.. أنا فاهم إن ده بيعالج الأعراض مش المرض.. ولكن إيه المانع إن أنا أعالج الأعراض والمرض بدل ما أسيب الأعراض. خصوصاً إن في اللحظة دي علاج المرض لسه قدامه وقت كبير.

- عمرو: كلكم راع معناها إن الراعي ده مسئول عن إنه يوفر للناس حياة أحسن.. وأي حاجة محتاجة وقت.. دي مرحلة انتقالية ممكن تعد سنة بالكتير وبعدين الجمهور هيظبط السينما.. إنت عالفيس بوك مش بترضى تعمل شير لحاجة فيها شتايم أو كده عشام عارف إنك عندك بنات عالبروفايل ممكن يشوفوها.. هو ده اللي هيحصل في السينما.

- أنا: خليني أسألك سؤال مع فارق التشبيه.. هل إنت شايف مثلا إننا نسمح ببيوت الدعارة ومانحاولش نمنعها أمنياً؟

- عمرو: أنا علماني.. وشايف إن المنع مش حل بدليل إن الحاجات دي موجودة.. بالعكس عدم وجود رقابة قوية بيكون ليه نتايج أسوأ من إلغاء الرقابة تماماً.. عشان الممنوع مرغوب.. في تركيا مثلا بدل منع الدعارة.. أردوغان جمع الناس دي وعملهم مشاريع وشغلهم وبكده عالج المرض مش العرَض.

التعليق:

كنت أتناقش معه دون أن أحاول أن أقنعه لأن ظروف الوقت لم تكن تسمح، وكنت أحاول أن أفهم منه ربما أقتنع. ولكن تعليقي أن الأستاذ عمرو انسان لبق يجيد الإجابة بكلام مقنع جداً ولكنه لا يرد على نقاط الاختلاف ولكنه يتجاوزها إلى نقاط الاتفاق. إذا قرأت ردوده ستقتنع بنسبة كبيرة ولكني لم أقتنع.

نقطة الإيجابية: كان الخلاف الأساسي هو ما هي المرجعية التي تحدد الصواب من الخطأ.. أنا لو سألتك الساعة كام دلوقتي؟ ورديت إنها عشرة بينما في الحقيقة الساعة تسعة. سأقول لك إنت "غلط" عشان في مرجعية كلنا متفقين عليها وهي الساعة. في حالة التعديلات الدستورية كنا نفكر ونحلل ثم نصل إلى رأي وبالتالي لا توجد مرجعية تحدد الصواب والخطأ.

نقطة توجيه الرأي: في المجتمع الديموقراطي يحدث توجيه للرأي من عدة جهات تتبنى وجهات نظر مختلفة (زي حالة الانتخابات وأوباما والحملات الدعائية) ولكن كل حملة تعترف أنها توجه الرأي العام ولا تدعى أنها تقوم بعمل توعية.. والديموقراطية هي حكم الأغلبية وبالمناسبة فليس لها علاقة بموضوع النقاش.

نقطة الرقابة: قال عمرو أن الرقابة تعالج العرَض ولا تعالج المرض.. ولم يرد على نقطة وما المانع من إيقاف العرض حتى زوال المرض.. عندما يحدث نزيف داخلى فالأطباء يوقفون النزيف أولا (العرَض) ثم يتعاملون مع السبب الأساسي له وهي نفس فكرة الإسعافات الأولية.. الفكرة أنني عندما سألته عن احترام المرجعية الدينية كان المفترض أن يرد بطريقة تجهض الإدعاء بمعنى أن يثبت أنه لا تعارض مع الدين في هذا.. لأن مجرد الاعتراف بوجود تعارض مع الدين يغلق باب الاجتهاد.

فكرة أردوغان وعمل مشاريع بدلا من الدعارة.. هي فكرة عامة جدا والكل متفق معها في فتح مصدر دخل شريف بدلا من المصدر الغير شريف.. وأيضاً هذا لا يمنع أن نحاول منع المصادر الغير شريفة.

كانت هذه محاولة لعرض وجهتي نظر مختلفتين.. ولك مطلق الحرية في تكوين رأيك ولكن الهدف الأساسي من نشر هذا المقال توضيح أنه أحياناً تكون الردود مقنعة ولكنها في الواقع تكون ذكية أكثر منها مقنعة.. وأؤكد أنني اقتنعت الآن أكثر من أي وقت مضى أن عمرو سلامة شاب وطنى مخلص أختلف معه ولا أختلف عليه.