على الهامش

نظر لي ثم قال.. "إذا كان العلماء يقولون أن الكون يتمدد يوماً بعد يوم.. فما هو الشيء الذي يتمدد الكون بداخله؟".. فكرت قليلاً ثم قلت.."ربما يكون الكون هو الشيء الوحيد الذي لا حدود له".. رفع حاجبيه في دهشة قائلاً "الشيء الوحيد!!".. عقبت سريعاً "أقصد الكون ولؤم النساء"

الخميس، 1 سبتمبر 2011

أصحاب الفضيلة

هل أنا قادر على أن أكتب عن شيء كهذا؟ دعونى أحاول..

في حياتنا توجد بعض المسائل الجـدلية التي نحتاج أثناء مناقشتها إلى الكثير من الشجاعة.. ونجد أننا نكون آراءنا فيها بناء على الكثير والكثير جداً من المعايير المزدوجة.. على سبيل المثال عندما نتحدث عن تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر بكل أركانها وأحكامها ومبادئها.. أشعر أن كل من يعارض ذلك (من المسلمين) يناقض نفسه بدرجة كبيرة.. كيف تؤمن بدين وترفض تطبيقه؟

كنت مقتنعاً بأن الإيمان لا يتجزأ.. وأنه لا يجوز أو يعقل أن أؤمن بجزء من الدين وأرفض تطبيق الجزء الآخر.. ولأنني أشعر بسعادة كبيرة عندما أتمكن من تغيير آرائي وقناعاتي.. بحثت كثيراً عن مبررات عدم تطبيق الشريعة ربما أفهم أو أقتنع.

كان البعض يتحدث عن مسألة تطبيق الحدود كقطع اليد والجَلد على أنها تتعارض مع حقوق الانسان.. ولم أقتنع لأنني أؤمن أن من خلق الانسان لا يمكن أن يأمرنا بشيء يتعارض مع حقوقه.. المدهش أنني قرأت الإعلان العالمي لحقوق الانسان المكون من ثلاثين مادة ولم أجد أي تعارض بين أي منها وتطبيق الشريعة. وحتى لو حدث تعارض فحقوق الانسان هي في النهاية وثيقة وضعية صنعها بشر ولا تصلح كمرجعية عندما تتعارض مع أمر إلهى صريح.

البعض الآخر ادعى أن الإسلام بنى على خمس.. وبالتالي فلكي نكون مسلمين يكفي أن نحافظ على أركان الإسلام الخمسة التي ليس من بينها ما يتعلق بالمعاملات البنكية أو السياحة أو إباحة بيع الخمور وغيرها. بل إن أحدهم ذهب إلى أن قال أن الحدود وغيرها هي مجرد شكليات ليس لها علاقة بالإسلام وأنها تتغير بتغير العصور (!).

ولم أقتنع إطلاقاً لسبب بسيط.. وهو أنه لا يوجد أي دليل على صحة هذه النظرية.. بل إنها تتعارض مع أبسط قواعد المنطق فكلنا نعرف أن القرآن باق إلى يوم الدين وبالتالي فإن كل ما ورد فيه موجه إلى المسلمين في كل زمان ومكان. الملاحظ أن من يدعى أنه يكفي أن نلتزم بأركان الإسلام الخمسة نسى أن الأركان نفسها وردت في حديث صحيح للرسول صلى الله عليه وسلم تماماً كما وردت أحاديث أخرى تأمر بقطع يد السارق وأن كلكم راع وغيرها.. لماذا أخذوا من الأحاديث ما يؤيد نظريتهم وتركوا ما يتعارض معها؟

وهناك من تحدث عن أن تطبيق الشريعة يجعلنا نعيش في دولة دينية لأن الدولة المدنية لا دين لها.. ولأن الرد على هذا المنطق بديهي للغاية فقد طوروه إلى أن قالوا بأنه لا مانع من أن تكون الدولة مدنية ذات مرجعية إسلامية.. ولكن هذه المرجعية في رأيهم تقف عند حدود الالتزام بمبادئ الشريعة كالعدل والمساواة والأمانة.. وهذا هو الدليل الصارخ على فكرة المعايير المزدوجة فهم من ناحية يريدون أن يكون للدين دور في وضع القوانين ولكهم يضعون حدوداً لهذا الدور.. الأغرب أن هذه الحدود تتعارض مع المرجعية نفسها (!)

المعايير المزدوجة تتضح كذلك في تصريح للكاتب علاء الأسواني حيث قال "أنه ليس ضد تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، ولكن ذلك سيؤثر سلبا علي علاقه المسلمين بالأقباط وسيؤدي لتدخل دول مثل (أمريكا وبريطانيا وإسرائيل) في شئون الوطن بحجة الدفاع عن الأقباط".. لن أقول أنه يرى عدم وجود مشكلة في إغضاب الله عز وجل مقابل عدم إغضاب أمريكا.. ولن أقول بأن الإدعاء بتأثير سلبي على الأقباط هو أصلا إدعاء مرفوض.. ولكني سأقول بأن هذا الموقف يتعارض تماماً مع كل مبادئ السيادة والاستقلال الفكري للدولة وهي نفس الأشياء التي ينادي بها نفس الشخص في كل شيء إلا تطبيق الشريعة.

ليس هذا فقط بل إن الرد المكرر هو أننا سنتحول إلى أفغانستان لو طبقنا الشريعة الإسلامية.. وهذا هو المنطق المناسب تماماً لإقناع شخص محدود الثقافة يجلس بالساعات أمام القناة الأولى.. يكفي أن يرى صورة مواطن أفغانستاني أشعث الشعر كث اللحية يرتدى جلبابا بالياً ولا يبدو عليه أي مظهر للمدنية لكي يصدق أن هذه الحالة المزرية سببها الأول والأخير هو تطبيق الشريعة.

ويقولون أن الدول المتقدمة كلها دول مدنية علمانية تفصل الدين عن الدولة.. وكأننا لابد أن نسير على نفس الطريق لكي نصل إلى نفس النتيجة.. رغم أن التقدم ليس له وصفة ثابتة فمنذ العصور الأولى كانت هناك دولة الفراعنة الذين وصلوا إلى قمة التقدم رغم أنها كانت دولة دينية تجعل من الحاكم إلها.. ثم أتت الدولة الإسلامية التي حكمت العالم بتطبيق الشريعة حتى وإن ارتكبت بعض الأخطاء التي لابد أن يرتكبها البشر.. وبالتالي فمدنية الدولة أو علمانيتها ليست هي الطريق الوحيد لتقدمها.

السؤال ببساطة.. لماذا لا نطبق ما أمرنا الله به؟

الإجابة ببساطة.. لأن منا من يعتقد أنه يمكن أن يجد بديلاً أفضل.. وهو اعتقاد خاطئ في رأيي..