على الهامش

نظر لي ثم قال.. "إذا كان العلماء يقولون أن الكون يتمدد يوماً بعد يوم.. فما هو الشيء الذي يتمدد الكون بداخله؟".. فكرت قليلاً ثم قلت.."ربما يكون الكون هو الشيء الوحيد الذي لا حدود له".. رفع حاجبيه في دهشة قائلاً "الشيء الوحيد!!".. عقبت سريعاً "أقصد الكون ولؤم النساء"

السبت، 13 نوفمبر 2010

تعليقاً على التعليق (1)

إذا كنت تقرأ الآن هذه الكلمات فبالتأكيد أنت تجلس أمام جهاز كمبيوتر لديه القدرة على الاتصال بالشبكة العنكبوتية الشهيرة بالإنترنت.. بالمناسبة لا أعرف هل سميت بالعنكبوتية لأنها متشعبة معقدة متشابكة.. أم لأن كل من يجلس أمامها يلتصق بها التصاق الذبابة التعيسة بشبكة عنكبوت لئيم.

وبما أنك تقرأ هذه الكلمات.. فهذا يعني أيضاً أنك تحب القراءة إلى حد ما.. وبالتالي فإنك مثلي تماماً تحب قراءة تعليقات القراء على الأخبار.. هذه التعليقات أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الخبر لكي تفهم منها تأثير الحدث على الناس.. موقع مصراوي على سبيل المثال ( لن أضع الرابط حتى لا تعتبر دعاية ) أعلن أنه يتلقى شهريا ما يزيد على ستين ألف تعليق.. ورغم أن العدد ضخم جداً.. إلا أننا يمكن تقسيمه إلى عدد قليل جداً من الأنواع كلها تعبر عن طريقة تفكير المواطن.

دعونا نتخيل خبرا عاديا جدا كالآتي "نظيف: الحكومة نجحت في توفير 4 مليون فرصة عمل وأنجزنا برنامج الرئيس بنجاح".. ستجد أن التعليقات مهما بلغ عددها تعبر عن الأنواع التالية من المواطنين:

1- المتشائم:

سيكون تعليقه على خبر كهذا "ابقى قابلني يا نظيف لو عرفت تشغلني".. هو لا يهتم بالخبر على الإطلاق ولو كان الرقم 80 مليونا بدلا من أربعة ملايين لتحدى رئيس الوزراء أيضا أن يجد له وظيفة. الأكثر من ذلك أنه أصبح بهذا التعليق يجد في استمرار البطالة انتصاراً له على رئيس الوزراء.. وبالتالي أصبح عثوره على فرصة عمل يمثل إحراجاً كبيراً له أمام قرّاء مصراوي.

قد يبدو التعليق معبراً عن تشاؤم مفرط ولكنه يدل أيضاً على أن صاحبه لا يبذل أي مجهود إطلاقاً في البحث عن وظيفة لدرجة أنه من فرط ثقته تحدى رئيس وزراء مصر أن ينجح في توظيفه.. دون أن يدرك أن هذه الثقة في البطالة هي بالتأكيد أول أسبابها.

2- الساخر:

الشعب المصري كما يقولون ابن نكتة.. وإذا كانت مصر أم الدنيا.. سنجد أن الدنيا في النهاية عبارة عن نكتة.. دعك من هذه النظرة الفلسفية وتأمل تعليقاً على نفس التصريح الذي أدلى به الدكتور نظيف.. سيقول مواطن ساخر "هههههههه..فعلا الحكومة نجحت في توفير 4 مليون فرصة عمل في مجالات الإجرام والتسول والبلطجة.. بالمناسبة هو برنامج الرئيس الانتخابي بييجي عالقناة الكام (!) ههههههه".

هو دائماً يبدأ تعليقه ب "هههههه" ربما لأن حرف الهاء الموجود في لوحة المفاتيح يعاني من مشاكل فنية وفي حاجة إلى صيانة.. وهذا هو التفسير الوحيد لأن التصريح سواء كان حقيقياً أو خيالياً فإنه بالتأكيد ليس مضحكاً.. إذا لم تكن تصدقني سأحكي لك نكتة..

مرة دكتور نظيف قال أن الحكومة نجحت في توفير 4 مليون فرصة عمل..هل ضحكت؟.. أنظر حالا في المرآة ستجد أنك لم تضحك إطلاقا وهذا دليل على نظرية العطل الموجود في لوحة المفاتيح.

3- الحويط:

الحويط هو شخص يصعب خداعه لأنه يأخذ بكل أسباب الحيطة (الحيطة من الاحتياط وليست الحيطة التي تفصل بينك وبين جيرانك)، هو من أشد مؤيدي نظرية المؤامرة وبالتالي سيعلق على الخبر قائلا "الحكومة عايزة الناس تشتغل عشان تلهيهم عن التفكير في السياسة.. افهموا بقى!"

هو أيضا يعتبر الدوري المصري وسيلة سياسية لإلهاء الشعب عن التفكير.. ولو كان ذلك صحيحاً لأصبح كأس العالم أكبر مؤامرة في تاريخ البشرية.. ويعتبر كل ما يحدث في الكون هدفه أن يضر المواطن محدود الدخل.. حتى النيازك التي تخترق المجال الجوي للأرض في الغالب أطلقتها الحكومة لتبيد سكان العشوائيات.. ويرى في أي تصريح وزاري محاولة من الحكومة للتحرش به والتأثير على قناعاته، وبالتالي دائما يبحث عن الجانب الخفي من المؤامرة.. ولابد أن ينهي تعليقه بـ "افهموا بقى" حتى تعم الفائدة.

4- السيكوباتي:

بصراحة لا أعرف معنى كلمة سيكوباتي.. ولكني شعرت أنها التعبير الأدق عن ذلك الشخص الذي يعلق على الخبر بكلام كبير يصعب على أمثالي فهمه.. سيعلق على التصريح بكلمات من هذا النوع "الدكتور نظيف يحاول إحداث موجة من الشكزوجرافيا ليتمكن من عمل حالة دوجمائية ارتدادية تنتهي بالمواطنين إلى القبوع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا".

هذا الأسلوب في التعليق يستخدم دائما لكي يقنعك الشخص بأنه يعرف شيئا ما لا تعرفه وبالتالي تكتسب آراؤه مصداقية.. بمعنى أنك قد تتساءل سرا.. إزاي واحد يكون عارف الشكزوجرافيا يكون بيقول حاجة غلط؟!.. وهذا الأسلوب يجد نجاحا في إقناع الناس لأننا نؤمن بالمظاهر في كل شيء.. فمن يطلق لحيته يصبح ملتزما رغم أن تامر حسني لا يحلق ذقنه بانتظام.. ومن يحمل عددا أكبر من الموبايلات يعتبر شخصا مهما رغم أنه في الغالب يحاول الاستفادة من عروض كل الشركات.. ومن يعرف معنى الشكزوجرافيا يعتبر رجلا عالما.. الحمد لله أنني لا أعرف معناها.

5- الغامض:

لمزيد من المصداقية فضلت أن يكون المثال على التعليق الغامض منقول من الواقع.. يقول ahmedbebars على موقع مصراوي تعليقا على هذا الخبر "من جد وجد.. ومن زرع بلح".. ومع احترامي للأستاذ أحمد بيبرس فإن قدرات عقلي المحدودة عجزت عن الربط بين التعليق والخبر.. وما لفت نظري أنه استخدم كلمة "بلح" بدلا من "حصد" رغم أن كلمة "بلح" تعتبر اسما وليست فعلا طبقا لأحدث إصدار للمعجم الوسيط. فعلا حاولت أن أفهم الحكمة الكامنة وراء التعليق ولكني عجزت تماما.

ولكن للأمانة الأستاذ بيبرس ليس هو الغامض الوحيد في مجتمعنا.. فهناك الكثير من التصرفات غير المفهومة التي نشاهدها يوميا..