على الهامش

نظر لي ثم قال.. "إذا كان العلماء يقولون أن الكون يتمدد يوماً بعد يوم.. فما هو الشيء الذي يتمدد الكون بداخله؟".. فكرت قليلاً ثم قلت.."ربما يكون الكون هو الشيء الوحيد الذي لا حدود له".. رفع حاجبيه في دهشة قائلاً "الشيء الوحيد!!".. عقبت سريعاً "أقصد الكون ولؤم النساء"

السبت، 11 سبتمبر 2010

وحدي في المنزل

أن تقضي يومين متتاليين وحيدا شريدا هائما نائما في منزلك.. تجربة لا يجب أن تمضي دون أن تحاول توثيقها بشكل أو بآخر..

تعلمت من هذه التجربة أن المثالية مملة إلى أبعد الحدود.. أحيانا تشعر أنك في حاجة إلى خناقة ما.. مشكلة ما.. أحبالك الصوتية في حاجة إلى بعض التليين حتي لا تتحجر.. نظرت حولى فلم أجد شيئا أستفزه.. المروحة تعمل في استسلام دون أن تشعر لحظة بالدوار ولا يبدو أنها ستعترض ولو حتى بعد ألف عام من الدوران. البيت كله أصبح في حالة يرثى لها دون أن أجد أي همسة اعتراض.. لا أدري لماذا عندما شعرت بأني "مقريف" وعايز ألاقي حد يتخانق معايا ويغلس عليا.. فكرت فورا في الزواج.. ثم استعذت بالله من الشيطان الرجيم.

عندما تجلس وحيدا تشعر أن كل ما حولك يستفزك لكي تفكر.. أكياس الدليفري جعلتني ألاحظ أن مؤمن لونه أزرق بينما كوك دور أحمر.. مباريات الدوري الانجليزي جعلتني أنتبه أيضا إلى أن تشيلسي يرتدي الأزرق بينما يرتدي مانشستر الأحمر.. حنفية الماء البارد بلونها الأزرق لفتت نظري إلى أن الحنفية الساخنة لونها أحمر.. وقتها فقط فهمت لماذا اختار الحزب الوطني اللون الأخضر.. ربما لأنه يعرف مسبقا أنه لو كان اختار الأزرق مثلا.. كانت كل الأحزاب ستتجنب اختيار الأحمر كنوع من الاحترام.

تجعلك التجربة تدرك أهمية الجيران.. فجارك الذي أمامك يستطيع أن يعزمك على غداء يوفر لك مشقة الفشل في تحضير طعام لن تستطيع أن تتذوقه في النهاية.. وجارك السفلي يمثل لك العمق الاستراتيجي.. فهو القادر على أن يقطع عنك المياه في أي وقت.. ومن الذكاء أن تعمق علاقتك معه بدلا من استراتيجية "اقفلوا المياه يا بهايم" التي تستند على حقوق تاريخية عفى عليها الزمن.. تحتاج دائما إلى ذلك الجار الذي تستطيع أن تترك له مفتاح الشقة حتى يتدخل عندما يشم رائحة الغاز تصدر منها.. دون أن تخشى أن يسرق منها شئ عندما تكون منشغلا في خناقتك مع جارك السفلي.

البعد عن الاجتماعيات جعلني أفكر في أشياء لم أفكر فيها من قبل.. ما هو الشعور بالغربة؟ لماذا يعاني منها من يعيش خارج الوطن حتى أنها أحيانا تدفعه للعودة؟ وما هي حدود الوطن؟ إذا كان الوطن هو المكان الذي نملكه فأنا أملك هذه الشقة.. وإذا كان هو المكان الذي أنتمي إليه فأنا أنتمي إلى هذا البلد.. ولماذا أدعي أنني أمتلك هذه الشقة؟ هل لمجرد أنها "تمليك"؟ ولماذا أدعي أنني أنتمي إلى هذا البلد؟ أنا مسلم قاهري مصري عربي أفريقي بشري. عند أي حد أخرج عن إطار الوطن؟

أتصفح صفحات الانترنت بنفس معدل استنشاق الهواء.. ولا تجذبني الأخبار أو المقالات كما تفعل تعليقات القراء.. لا أعرف لماذا يصر كل من يحاول أن يعرض وجهة نظره أن يختم تعليقه بجملة "افهموا بقى" بدلا من "هذا رأيي والله أعلم".. ولماذا يستخدم جمهور الأهلي لفظ "زبالك" رغم أنه يعرف جيدا أن جمهور الزمالك سيصفه بأنه "جهلاوي".. لم يعد الموضوع مثيرا أو مدهشا.

أتأمل كيف يسب المصريون أولياء الأمر.. وكيف يختلف العضو مودي التموري مع العضو برنس طنطا على الصراع بين تامر وحماقي وأيهما أحق بخلافة الهضبة.

وحدي في المنزل كنت أجلس عندما قرأت خبرا عن العودة للتوقيت الصيفي.. الساعة كانت منذ دقيقة الواحدة تماما والآن أصبحت الثانية.. قمت بجولة على كل ساعات المنزل لأعيد ضبطها.. ثم شعرت أن الوقت أحيانا يمضي بأسرع مما نستطيع أن نستوعب.. أحيانا تعجز عن الرقص على الإيقاع إذا أصبح سريعا جدا.. أو إذا تقدم بك العمر وتخلت عنك صحتك.

ولأنني أجلس وحدي في المنزل فلم أجد أحدا يقرأ ما كتبته.. لن أعرف هل ما زلت قادرا على أن أقنع أحدا بقراءة شئ كتبته حتى النهاية أم لا.. ولكن لا بأس من المحاولة..